مونديال 2034- مكاسب اقتصادية وفرص استثمارية واعدة للسعودية

المؤلف: خالد البدر10.12.2025
مونديال 2034- مكاسب اقتصادية وفرص استثمارية واعدة للسعودية

من المقدر أن تستقطب المملكة العربية السعودية، عبر استضافتها لفعاليات كأس العالم 2034، ما يقارب 5 ملايين متفرج وسائح، الأمر الذي سينعكس بإنفاق استهلاكي إجمالي يقارب 10 مليارات دولار أمريكي. في المقابل، من المتوقع أن يصل حجم الإنفاق السعودي على التنظيم والإعداد للبطولة إلى نحو 4 مليارات دولار، ويعزى هذا الرقم المتواضع نسبياً إلى الجاهزية المسبقة التي تتمتع بها البنية التحتية السعودية في مختلف القطاعات.

أكد الدكتور عزت قناوي، المتخصص في الاقتصاد والمالية العامة، في حديث لـ"الاقتصادية"، أن استضافة بطولة عالمية بحجم وأهمية كأس العالم يمثل عبئاً مالياً كبيراً على الدول المستضيفة. وأشار إلى أن نسخة كأس العالم 2022 التي أقيمت في قطر تعتبر الأغلى في تاريخ البطولة، حيث بلغت تكلفتها ما يقارب 220 مليار دولار. وأوضح أن هذه التكلفة الاستثنائية تعود إلى تخصيص الجزء الأكبر منها لبناء وتجهيز بنية تحتية متكاملة، تشمل الملاعب، الطرق، وسائل النقل، الفنادق، ومخيمات الإيواء المتنقلة. وهذا يختلف عن الدول الأخرى التي سبق لها استضافة بطولات كبرى، والتي تمتلك بالفعل بنية تحتية رياضية متطورة وجاهزة لاستضافة مثل هذه الفعاليات العالمية.

وفي سياق دراسة أكاديمية حول "أثر استضافة كأس العالم 2034 على السعودية" قدمها قناوي، أوضح أنه "بالمقارنة مع تكاليف استضافة المونديال في دول أخرى مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، ألمانيا، جنوب إفريقيا، البرازيل، وروسيا منذ تسعينيات القرن الماضي، لم تتجاوز التكلفة في معظم الحالات 5 مليارات دولار، وربما أقل من ذلك، باستثناء روسيا التي أنفقت نحو 17 مليار دولار، والبرازيل التي وصلت نفقاتها إلى 12 مليار دولار".

الناتج المحلي الإجمالي

وفيما يتعلق بمساهمة استضافة السعودية لكأس العالم 2034 في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، أفاد قناوي بأنه "خلال الفترة الممتدة بين عامي 2018 و 2023، سجل قطاع الرياضة والترفيه في المملكة العربية السعودية معدل نمو سنوي قدره 12% تقريباً، مما يعكس الزيادة المطردة في الإقبال على الأنشطة الترفيهية والرياضية. وقد ازدادت مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي السعودي من حوالي 2.4 مليار ريال في عام 2016 إلى 6.5 مليار ريال في عام 2019، ثم قفزت إلى 21.6 مليار ريال في عام 2023. وتهدف خطة وزارة الرياضة إلى الوصول إلى 82.5 مليار ريال بحلول عام 2030، وهو ما يعني أن القطاع الرياضي يحتاج إلى تحقيق نمو سنوي تراكمي بنسبة 21% لتحقيق هذا الهدف الطموح. ومن المتوقع أيضاً أن يصل حجم القطاع الرياضي بحلول نهاية عام 2024 إلى حوالي 26.1 مليار ريال. لذلك، من المؤكد أن استضافة المونديال ستساهم في الناتج المحلي السعودي بمعدل يقارب 3.2%، وربما أكثر من ذلك، استناداً إلى الإمكانيات والمزايا النسبية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية مقارنة بالدول الأخرى التي استضافت كأس العالم سابقاً".

الاستثمار الأجنبي

وحول تأثير استضافة السعودية لكأس العالم على جذب الاستثمار الأجنبي، أشار قناوي إلى أن "حجم الاستثمارات في القطاع الرياضي السعودي بلغ في عام 2023 نحو 300 مليون دولار، وتمثل هذه القيمة الاستثمارات السنوية المخصصة لتطوير الأندية الكروية. ومن المتوقع أن يزداد حجم الاستثمارات في هذا القطاع ليصل إلى نحو 67.7 مليار ريال في عام 2029، وهو ما يعكس الجهود المتزايدة المبذولة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، بالإضافة إلى تقديم الدعم الحكومي اللازم لها".

وأضاف أن "المملكة العربية السعودية أبرمت شراكات رياضية مع أكثر من 100 دولة في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يفسر تزايد الشراكات الدولية في مجال الرياضة، وخاصة مع تزايد تنظيم البطولات والفعاليات الدولية الكبرى. ويعمل صندوق الاستثمارات العامة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي تمثل إضافة نوعية للسوق المحلي وتعزز من نموه وتطوره".

8 % زيادة سنوية في عائدات الرياضة السعودية

وبالحديث عن متوسط الإنفاق المتوقع للمملكة العربية السعودية ومتوسط العائد من الاستضافة، أوضح قناوي أن "إيرادات صناعة الرياضة عالمياً بلغت في عام 2023 نحو 800 مليار دولار، وهو ما يعادل حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتشير التوقعات إلى زيادة هذه الإيرادات لتصل إلى حوالي 1.6 تريليون دولار في عام 2030. وفي المملكة العربية السعودية، بلغت عائدات قطاع الرياضة نحو 2.8 مليار ريال، ومن المتوقع زيادتها بنحو 8% سنوياً، مما يعكس النمو المتسارع الذي يشهده هذا القطاع الحيوي".

165 ألف وظيفة بحلول 2030

وفيما يتعلق بالآثار والفوائد الاقتصادية المحتملة لاستضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034، صرح قناوي بأن "قطاع الرياضة في السعودية يوفر حالياً نحو 22 ألف فرصة عمل مباشرة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى نحو 165 ألف فرصة عمل في عام 2030. لذلك، من المتوقع أن تعمل استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034 على تعزيز وتحفيز الاقتصاد السعودي بشكل ملحوظ في مختلف المجالات، وخاصة قطاعات السياحة، الطيران، الاتصالات، العقارات، وسوق العمل خلال السنوات العشر القادمة. وسيتمثل هذا التحفيز في توفير المزيد من فرص العمل في مجالات عنقودية متشابكة غير مباشرة مرتبطة بقطاع الرياضة، مثل: البناء، الفنادق، المطاعم، النقل، الترفيه، والمتاجر المحلية، بالإضافة إلى الوظائف المباشرة في القطاع الرياضي ذاته، مما سيساهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي للمملكة".

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة